انتاجية الاختصاصي الاجتماعي في اليوم



تكاد تكون قضية الانتاجية هي القضية الأبرز خلال الأسبوع المنصرم والتي قد أخذت حقها من النقاش والتداول وكانت هناك الكثير من التعليقات حول هذا الموضوع ومن عدة جهات، والآن أرغب في نقاش هذه القضية بما يخص مهنة الخدمة الاجتماعية ومنتسبيها من الاختصاصيين الاجتماعيين والاختصاصيات الاجتماعيات ففي مهنة  الخدمة الاجتماعية تقاس الانتاجية بالكيف والكم معاً، فالكيف هو بنجاح التدخلات المهنية للاختصاصيين الاجتماعيين والكم مؤشر هام جداً لقياس الأداء. 
 أريد من هذه التدوينة طرح وجْهتيْ نظر حول عنوان التدوينة وسأبدأ بوجهة النظر المزعجة والسلبية حول انتاجية الاختصاصي الاجتماعي في المجال الطبي وهي تتفق تماماً مع ماذكره معالي وزير الخدمة المدنية، حيث نلاحظ بعض الاختصاصيين الاجتماعيين يتثاقل في أداء دوره فيبدأ يومه المهني بشرب كاسة الشاي وبعدها وجبة الافطار ثم تصفح الصحف الالكترونية وبعدها الدخول إلى هاتفه الذكي وتبادل الدردشة الكتابية مع أقربائه وأصدقائه ومتابعيه على وسائل التواصل الاجتماعي ( جميع هذه الأمور تكون على حساب عملائه فأغلبنا قد يمر بأحدها أو جميعها لكن البعض يُسرف فيها بشكل كبير جداً)  ثم يبدأ عمله الساعة التاسعة أو التاسعة والنصف ومتى ماشعر بأنه جاهز للمرور على المرضى وبعد نصف ساعة من المرور وقد يزيد عليها تكرماً عشرة دقائق يعود ذلك الاختصاصي للمكتب ويبدأ في تصفح سوق الأسهم ويناقش من حوله فيها ويمضي الوقت سريعاً فيجد نفسه مضطراً للخروج لإحضار أبنائه من المدرسة وقد يعود بعد ساعتين بحجة زحام الطريق وتأخر أبنائه في الخروج فيعود الساعة الثانية منهكاً متعباً من توصيل الأبناء فيتجه للمكتب ويحضِّر كوب الشاي ويفتح جهاز الحاسوب لمتابعة ما استجد من أخبار وماحدث في سوق الأسهم وينشغل الاختصاصي وينهمك في الحديث مع زملائه عن قضايا الساعة حتى يحين موعد الخروج ويبدأ في الاستعداد للمغادرة بعد شكواه من طول دوام هذا اليوم !!!

الوجهة المغايرة تماماً والتي قد يراها البعض بأنها مثالية ولكنها موجودة وبشكل كبير ولله الحمد، هي لذلك النموذج من الاختصاصيين الاجتماعيين الذي يحضرون في وقت مبكر وعند حضورهم يقومون بتحضير تقاريرهم والحالات التي تم التعامل معها في اليوم السابق استعداداً لحضور الاجتماع الصباحي للقسم والذي يمتد لساعة كاملة ففي هذه الساعة هناك الكثير من النقاشات والتوصيات في التعامل مع بعض الحالات المنومة، وبعد انتهاء الاجتماع يتجه الاختصاصي الاجتماعي ليبدء مروره اليومي على مرضاه ويبدأ في تفقد مرضاه واحداً تلو الآخر فهو يقابل المريض الجديد ويتابع المريض القديم ويخطط لتنفيذ تدخلاته المهنية ويصمم الخطط العلاجية المناسبة ويسأل عن المرضى ومدى تطبيقهم لبعض الاتفاقات التي قد تمت في وقت سابق، ويشجع البعض ويدافع عن آخرين وتتم هذه العملية خلال وقت لايقل عن ساعتين وبعدها قد يخرج ذلك الاختصاصي لإحضار أبنائه أيضاً من المدرسة ولكنه هنا يستعجل في العودة المبكرة لأن هناك مرضى بحاجة لأن يتابعهم في فترة مابعد الظهر أو يقابل أسرهم أو يقابل الطبيب المعالج للسؤال عن بعض الأمور، بعد ذلك يتمتع ذلك الاختصاصي براحة بسيطة ثم يعود لكتابة تقاريره اليومية ويحضِّر لاجتماع اليوم الثاني وهكذا تستمر دورة عملة بساعات طويلة وبراحة لأقل من ساعة.

باختصار في كل بيئة عمل هناك المجتهد وهناك الكسول، وفي انتاجية الاختصاصيين الاجتماعيين يقع الدور الأكبر على الاختصاصي الاجتماعي نفسه و على إدارة قسم الخدمة الاجتماعية أو إدارة المستشفى أو حتى إدارة الصحة النفسية والاجتماعية بالمنطقة والتي قد تسهم في تشجيعه على الابداع  والابتكار والعمل، وتذلل له كافة الصعوبات التي قد تعوق دون أداء دوره بالشكل الملموس.