الاختصاصي الاجتماعي وحالات الوفاة




في المجال الطبي نتعامل مع الكثير من المرضى وأخص منهم المرضى المزمنين ( مرضى الفشل الكلوي ) ونحن كمسلمين نؤمن بالله عز وجل وبالقضاء والقدر ونعلم يقيناً أننا سنسلك طريق الموت لا محالة.

وتُعتبر الوفاة إحدى الأزمات الفردية التي تصيب الإنسان، ففقد شخص عزيز قد يترك خلفه أثاراً نفسية واجتماعية لفترات متفاوتة حسب شخصية الفرد وطريقة تعامله مع هذه الأزمة، ومن جهة عملي كاختصاصي اجتماعي مع مرضى الفشل الكلوي واجهت العديد من المواقف المحزنة بسبب فقد مريض وكان لبعضها تأثير على جزء أو كل يومي الوظيفي والبعض مازال عالقاً بذهني حتى الآن، كنت في الغالب أطالب بوجود فريق نفسي متكامل لتخفيف آثار الصدمة على المحيطين بالمريض المتوفي سواءً من المرضى المقربين منه أو من الكادر الطبي، فبعض المرضى يدخل في حالة اكتئاب وقلق و تتولد لديه المخاوف ويبدأ في التفكير في اسرته ومستقبلهم وغيرها من الظروف التي يمر بها أغلب مرضى الفشل الكلوي.


وفي زحمة هذه المواقف الإنسانية ودعم الاختصاصي الاجتماعي للمرضى المحيطين قد ينسى الاختصاصي نفسه ويقع فريسة للتراكمات النفسية التي خلفتها الحالات التي تعامل معها وقد يضطر لعلاج نفسه قبل الآخرين، فكيف يمكن للاختصاصي أن يشكل لنفسه حاجزاً وقائياً يساعده على التخفيف من حدة هذه الآثار النفسية.

هنا لا يمكن أن أعمم تجربة موحدة فنحن كاختصاصيين اجتماعيين نؤمن بمبدأ الفروق الفردية بين عملائنا وهذا ينطبق علينا فالاختصاصي الاجتماعي (س) لديه قدرة على التغلب على مشاكله الاجتماعية والنفسية بعكس الاختصاصي الاجتماعي (ص) وهكذا، ومن وجهة نظر شخصية فأقول:
  1.  الإيمان بالله وبقضائه وقدره والتوكل عليه.
  2. أن يتعامل الاختصاصي الاجتماعي مع الحالات ويضع باعتباره أن الموت مصير كل البشر.
  3. تأكد بأن إهمالك للحالات قد يدخلك في مشاكل نفسية كبيرة لذا عليك أن تقوم بدورك على الوجه الأكمل وأن تكون راضياً عن أدائك لعملك.
  4. احرص على تقويم عملك بين فترة وأخرى وأن تشارك مريضك معك في تقييم الخطة العلاجية المتبعة.
  5. عليك أن تتكلم مع الأشخاص المقربين منك عن مثل هذه الوقائع بدون تفاصيل.
  6. احرص على أخذ إجازتك السنوية.
  7. المحافظة على تمارين الاسترخاء بين فترة وأخرى.
  8. ممارسة الرياضة بشكل منتظم.
وأرى بأنه من المفترض أن يتم تدريب الاختصاصيين الاجتماعيين على التعامل مع هذه الحالات قبل بدء العمل ومن هذه التدوينة أوجه رسالة لكل المسئولين عن أقسام الخدمة الاجتماعية أن يساعدوا الاختصاصيين الاجتماعيين حديثي التعيين و طلاب التدريب على تعلم وسائل وطرق التعامل مع حالات الوفاة.

أخيراً، أيها الاختصاصي الاجتماعي أنت معرض للكثير من الضغوط النفسية والاجتماعية كحال كثير من الوظائف التي تتعامل مع الإنسان وعليك أن تساعد نفسك وأن لا تُجهدها بالعمل وأن تعطي لذاتك حقها في الراحة والسكينة.