تفاهم الاختصاصي الاجتماعي مع الفريق العلاجي



في أحد الأيام اتصل بي استشاري أمراض الكلى وطلب مني الحضور لمساعدته على إقناع أحد المرضى الذين تم تشخيصهم بالفشل الكلوي وبحاجة للغسيل الدموي ، ونظراً لحاجتي حينها لشخص من تخصص آخر طلبت منه الذهاب معي لمقابلة المريض .

بعد أن وصلنا إلى القسم طلبنا الملف الطبي للمريض للإطلاع على كافة نتائج التحاليل وبعض الفحوصات الأخرى ، واكتشفنا بأن المريض أصيب بالفشل الكلوي منذ الطفولة وكان يقوم بعملية الغسيل البريتوني ثم أجرى عملية زراعة كُلى وتدهورت حالته في الفترة الأخيرة مما أدى إلى توقف عمل الكُلى المزروعة وبالتالي كان لزاماً عليه أن يقوم بعملية الغسيل الكلوي .

قبل دخولنا على المريض قابلنا شقيقه خارج الغرفة لنفهم المزيد عن سبب تدهور الحالة والوضع الاجتماعي للمريض وعرفنا حينها بأنه طالب جامعي على وشك التخرج وغير متزوج وغير متقبل لفكرة الغسيل إطلاقاً رغم محاولات الإقناع من أسرته .

دخلنا على المريض وعرفته بنفسي وبزميلي وطلبنا منه الحديث عن حالته الصحية ، وبدأ النقاش معه حول حاجته للغسيل الكلوي وبطبيعة الحال لايوجد مريض يوافق مباشرة خاصة إن كان زارعا ،ً فبدأ عملية الإنكار ، عندها بدأ زميلي في التحدث عن الإجراء الطبي المطلوب وأن وضعه الصحي يتطلب تنفيذ هذا الإجراء وعطفاً على نتائج التحليل فإن عملية الغسيل لابد أن تتم وبصفة عاجلة .

وفي هذه المرحلة بدأت عملية المساومة من المريض ، فقال له الزميل بأن الإجراء بسيط وسهل وسيتكيف معه مع الوقت ، فباغته المريض بسؤال ( أنت تقول بأنه بسيط وسهل ، هل جربت ألم الغسيل ، هل عشته ؟ ) ، اضطررت حينها للتدخل مرة أخرى وقمت بتهدئة المريض وأفهمته بأننا قد لا نشعر بما يعانيه حسياً لكننا نشعر به ونتفهم غضبه ونقف معه ونساعده معنوياً ، عندها طلب المريض مهلة للتفكير ، فأخبرته بأنني سأعود في وقت آخر .

ذكرت هذه الحالة لتوضيح الخطأ الذي قمنا به كفريق علاجي وكان يجب علينا التعامل بحذر مع هذه الحالة وأن لا نحكم على أشياء لم نعشها أو نقلل من أهميتها أو ألمها ، علماً بأنه تمت العودة مرة أخرى للمريض ووافق ولله الحمد على الغسيل والآن يسعى لإجراء عملية زراعة كُلى من شخص قريب .